جـوانب الــتذوق الأدبـي :
--------------------------------------------------------------------------------
جـوانب الــتذوق الأدبـي :
يستند تذوق النص الأدبي إلى خبرة تذوقية تكاملية تقوم على التكامل بين عدة جوانب، وذلك بهدف تحليل النص ،وليس معني التحليل تفتيت النص الأدبي، ولكن يعني النظر له من كل الجوانب وتكثيف الضوء على أشكال السلوك التذوقي المتمثلة في هذه الجوانب، وهي:
1- الجانب العقلي:
ويقصد به قدرة المتلقي على فهم النص الأدبي من الناحية الفكرية، واستخراج الأفكار الواردة فيه، وفهم المعاني التي تكمن في الأفكار، والجدة والابتكار فيها .
ولا بد للمتذوق أن تتوافر لديه القدرات العقلية التي تؤهله لإصدار أحكام تقويمية، وأن يتمتع بكفاءة عقلية عالية تمكنه من زمام العمليات المعرفية كالفهم والاستدلال والتخيل والحدس مما يساعده على إعادة تشكيل المضمون العقلي للنص الأدبي تبعاً لقدراته العقلية.
وقد أكدت العديد من الدراسات على أهمية الجانب العقلي وأنه من أكثر جوانب التذوق الأدبي التي تحظى باهتمام المعلمين في أثناء تدريس الأدب،ومن هذه الدراسات دراسة ثريا محجوب (1991م) التي أكدت على أن المعلمين يعمدون إلى توضيح الأفكار ومعاني الكلمات الواردة في النص.
أما دراسة صبري هنداوي (175)، ودراسة فوزي عبد القادر (171)، فقد أكدت على أن طلاب المرحلة الثانوية يفتقدون القدرة على إصدار أحكام عقلية على الأدب لأنهم لا يتذوقونه بالمعنى الحقيقي للتذوق الأدبي لأن اهتمام المعلمين ينصبُّ على شرح النص وبيان أفكاره ومعانيه دون الغوص في أعماقه، والإحساس بفنياته.
ويعمد المعلمون إلى التركيز على الحفظ والاستظهار للنصوص الأدبية وما بها من مرادفات ومظاهر للجمال وأفكار دون أن يعيش الطالب في جو النص وينفعل به وجدانه.
2- الجانب الوجداني :
يقصد بالجانب الوجداني إحساس المتلقي بعاطفة المبدع،وما تركته هذه التجربة الشعورية التي مر بها من ظلال وتأثيرات على ألفاظه وصوره ومعانيه في النص.
وهكذا يعيش النص أكثر من حياة، فيحيا حياة جديدة مع كل قارئ يقرؤه، فعندما يقرأ المتلقي النص الأدبي ويتذوقه فإنه يعيش مع النص، ويجري حوارات مع كاتبه ويستعيد تجربته،ويعيد بناء جو النص نفسياً وفنيّاً في ضوء خبرته وثقافته، ويحكم عليه في ضوء ما يُحدثه النص في وجدانه.
ويؤكد هذا الرأي "بلاتشوه" و "هولند" حيث إن قراءة المتلقى للنص الأدبي تجعل النص يكتب نفسه دون وساطة مؤلفه، وكأن النص يتحرر من مؤلفه ليجعل لنفسه كياناً متميزاً.محمد حسن المرسي 1991م، صــ138).
3- الجانب الجمالي :
يعني الجانب الجمالي بتذوق النص الأدبي من ناحية الشكل والمضمون الجمالي، والتعرف على أثر كل عنصر من عناصر النص في إثارة الجمال في موضعه، وإدراك العلاقات والتداخلات فيما بينها.
ويختلف تذوق الجانب الجمالي للنص من شخص إلى آخر نظراً لما يتركه العمل الأدبي من تأثير وجداني وعاطفي في نفس كل قارئ ،وهذه عملية نسبية متفاوتة.
4- الجانب الاجتماعي:
لعملية التنشئة دور كبير في إمداد المتذوق بأساليب سلوكية تجعله يفضل نماذج من الأدب ويعارض أخرى، فالمتذوق لا يتذوق النص من خلال قراءته له فقط، بل في ضوء ما أرسته أياد كثيرة ساهمت في تكوين ذوقه مثل: التنشئة الاجتماعية والتربية والثقافة التي ساهمت بحظ وافر في تكوين شخصيته بما تتضمنه من ميول ودوافع واتجاهات وقيم.
لذا فالجانب الاجتماعي بمثابة الوعاء الذي يضم جوانب التذوق الأدبي جميعها، فهو أساس عملية التذوق؛ لأن تذوق المتلقي للعمل الأدبي إنما يكون في إطار تربيته وثقافته، فعندما يصدر المتلقي حكماً عقليًا أو وجدانيًا أو جماليًا فإنه يتأثر بتكوينه العقلي وثقافته واتجاهاته وتنشئته الاجتماعية ومعتقداته.(مصري حنورة 25، وحيد إسماعيل صـ100)
• تعليق :رغم أن عملية التذوق الأدبي تتضمن أربعة جوانب-كما سبق- فإن هذه العملية خبرة تذوقية تكاملية تقوم على التوازن والتكامل بين الجوانب الأربع (العقلي،والوجداني،والجمالي،والاجتماعي)، ولا غنى عن أي جانب في أثناء عملية التذوق.
وقد أكدت دراسة صبري هنداوي (175)، ودراسة فوزي عبد القادر (171)،ودراسة محمد عبد القادر 378 أن طلاب المرحلة الثانوية يفتقدون القدرة على إصدار أحكام عقلية على الأدب لأنهم لا يتذوقونه بالمعنى الحقيقي للتذوق الأدبي لأن بعض المعلمين يجعلون جانبًا يطغى على الآخر في أثناء تحليلهم للنص ،كما أنهم لا يعنون باندماج الطالب في النص،وإنما ينصبُّ اهتمامهم على شرح النص وبيان أفكاره ومعانيه دون الغوص في أعماقه، والإحساس بفنياته،كما أن الامتحانات تركز حفظ الشواهد البلاغية، ولا تتناول إلا بعض جوانب التذوق الأدبي وتهمل أخرى.